لعل من الأسئلة الملحة التي تواجه الباحث في الشأن العربي المغترب هو ماهية النظرة الشبابية للجيل الثاني من المغتربين العرب للحياة في السويد, فبالرغم من عدم وجود مراكز أبحاث عربية متخصصة في هذا الشأن فان وسائل الإعلام السويدية المحلية لم تعطي هذا الجانب أهمية أيضا كجزء من تقصير هذه الوسائل إزاء المغتربين. ومن هنا فقد توجهت نانار إلى عدد من الشباب السويديين من خلفيات عربية لتستطلع أرائهم في الحياة الجديدة التي يعيشونها في السويد وأولى تلك الأسئلة كانت:-
كيف ترى حياتك الآن في السويد.. وما هو الشئ الذي ينقصك ، وما هو الشئ الذي تتمناه الآن؟
ياسر:- لا يستطيع أي إنسان أن يقول أن الحياة سيئة هنا في السويد, فمجرد التفكير بهذا الشيء يجعلني سيئا, لكن الحياة هنا مملة ورتيبة. يستطيع المرء هنا أن يحصل على ما يتمناه, لكن ليس مجاناً فعلى المرء بذل الجهد اللازم. كل شخص هنا يملك ما يحتاج إليه من مستلزمات الحياة الضرورية ما عدا رؤيته للأهل والأقارب الذين ما زالوا في الوطن>
أما رامة علاء فقالت:- حياتي في السويد حياة جميلة وأمنة ولا ينقصني أي شيء. ولكني اشتاق إلى جذوري الأولى في العراق وأتمنى أن أزوره بأقرب وقت! أريد لقاء أقربائي وأحبتي هناك ولكني في الحقيقة لا أود الهجرة من هنا وان فكرت يوماً فبالتأكيد سوف اختار العودة إلى وطني العراق لأني انتمي إلى هذا الوطن و هو موطن أجدادي.
تبارك:- الحياة في السويد ممتازة بالنسبة لي, لأسباب عدة لا أظن إنني استطيع إحصائها جميعاً ولكني أحب أن اذكر بعضاً منها، فالسويد من الدول المتحضرة ليس فقط على الصعيد الاقتصادي وإنما على الصعيد الإنساني فتطبيقها لحقوق الإنسان والعناية بالأطفال وكبار السن بشكل بارز وخاص,فيجعلها من الدول المتقدمة من ناحية الضمان الاجتماعي.. والسهولة في إجراء جميع المعاملات الرسمية والعادية عن طريق الانترنيت.وفي هذا السلوك حفاظ لكثير من الجهد والوقت. إضافة إلى الأمان وسهولة التنقل وتوفر الخدمات الصحية بشكل أكثر من ممتاز.
أما عن الشيء الذي ينقصني هنا في السويد فهي الروح العربية وافتقدها كثيراً, فالحياة هنا تنتهي بعد الساعة السادسة مساءً!!الذي يعمل أو يدرس يعود إلى البيت ويقضي بقيه النهار والليل هناك,والبعض الأخر يذهب إلى نوادٍ ليليه, وهذا الوضع لايناسب الجميع وبالتأكيد لا يناسبني .. أما في الدول العربية فالأمر مغاير تماماً، فهناك الكثير من الزيارات العائلية أو الذهاب إلى مراكز تسوق وغيرها.
ماهو الحلم الذي تود تحقيقه مستقبلاً؟ وكيف تخطط للوصول اليه ؟
ياسر:- حلمي الأول الآن هو أن أكمل دراستي الإعدادية وأحصل على أعلى الدرجات التي تمكنني من الدراسة في أحسن الجامعات السويدية, لأبدأ بعدها حلماً جديداً من سلم الأحلام الذي لا نهاية له, لكن كما يقال العافية عشر أجزاء, تسعة منها في الصمت.
رامة:- حلمي هو ان انجح في حياتي من المهنية والاجتماعية هنا. اعتقد اني سوف اخذ فرصتي الكاملة في المجتمع لأني امتلك إرادة وقدرة على تحقيق ما أصبو الوصول إليه وتحقيقه وهو أن أصبح صيدلانية مستقبلاً! و كذالك لدي القدرة الكافية لإدارة بيتي مستقبلاً مثل أبي وأمي وبكل ثقة!
تبارك:- هناك الكثير من الأحلام التي أتمنى أن أحققها، ولكن بعض الأحلام لا تحتاج إلى تخطيط مسبق أو تخطيط كبير.. حلمي الأكبر ألآن هو أن أكمل دراستي وان أصل أعلى مراتب النجاح, حلمي أن أكون ناجحة ومفيدة للمجتمع الذي أتواجد فيه.
٣- هل تفكر بالهجرة الى مكان آخر؟ ولماذا؟
ياسر:- قطعاً لا فأنا جئت إلى هذا البلد بعد تفكير عميق ودقيق ودراسة مسبقة وتخطيط مع الأهل، السبب الرئيسي الذي دفعنا أنا وعائلتي للهجرة هو الوضع الأمني السيئ وتردي الخدمات والتعليم وكثرة الحروب التي عشناها ومازال الشعب العراقي يعيشها حتى اللحظة.
رامة: في الحقيقة كنت أفكر كثيراً في الهجرة إلى أحدى البلدان العربية بعد إكمال الدراسة الجامعية هنا في السويد, لكن في ظل الأوضاع هناك يتحتم علينا أن لا نفكر في الهجرة من هذا البلد ونرفس النعمة التي أنعمها الله علينا. سبب التفكير في الهجرة في المستقبل هو بسبب اختلاف الثقافات والاختلاف الكبيرة في الدين والعادات والتقاليد. لكن مشاهدتنا للأوضاع الحالية في بلداننا العربية يجعل التفكير يذهب باتجاه الهجرة من هنا إلى وادي السلام.
هل تعتقد انك سوف تاخذ فرصتك الكاملة في المجتمع مستقبلاً؟
ياسر:في الواقع يجب أن نُعَرف معنى "فرصتك الكاملة". في رأيي المتواضع الفرصة الكاملة تأتي بالعمل الدؤوب وليس بانتظار الفرص لتأتي بين اليدين. هناك الكثير من الناس الذين أخذوا فرصتهم الكاملة في المجتمع السويدي وهناك العكس, لكن الشيء المشترك هو بذل الجهد من عدمه. ولهذا لكن يجب أن نكون على يقين أن المشاكل الاقتصادية هي ليست في السويد فحسب إنما في العالم أجمع. هذه المشاكل ينتج عنها قلة الفرص للكل والشاطر هو الذي يكسب الفرص.
تبارك:-لكل واحد منا فرصه الخاصة في الحياة, بعضها تكون جيده والأخرى لا بأس بها، ليس لدي أي علم بما سيحصل في المستقبل, فكله بيد الله كما في قوله تعالى" قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا" .. ولكن نظراً للظروف ألاقتصاديه العالمية والتي تمر بها كل دول العالم فليس هناك الكثير من فرص العمل الجيدة بعد دخول التكنولوجيا بشكل كبير في مختلف القطاعات, فكثير من الدول تخلت عن العمال بشكل ملحوظ .. ولكني متفائلة بالغد,فالأمل موجود وسأفعل كل ما بوسعي للوصول إلى ما أصبو اليه وتحقيق هدفي.
رامة علاء ودت أن ترسل رسالة إلى اقرانها قائلة:
في الختام أود أن انصح زملائي ثلاث نصائح مهمة لمستقبلهم ومستقبل عائلتهم,الأولى لزملائي هي أن يثقوا بأنفسهم حتى يستطيعوا تحمل المسؤولية مستقبلاً وان يستطيعوا إدارة بيوتهم. والثانية هي أن يهتموا بدراستهم حتى يتمكنوا من الحصول على وظائف تليق بهم مستقبلاً. أما الثالثة فهي الاعتناء بصحتهم وصحة عوائلهم وصحت عائلتهم لكي يعيشوا حياة صحية وجميلة أن شاء الله.
.كيف يرى الجيل الثاني من الشباب العربي الحياة في السويد . خاص ننار
المركز الثقافي العراقي في السويد ملاحظات بعد عام من الانطلاق
د. حسن السوداني
لم أكن اخفي قلقي باني غير متفائل كثيرا بنجاح سريع لمهمة المركز الثقافي العراقي في السويد لتباين الساحة الثقافية العراقية واختلاف ورسوخ تجارب بعض الجمعيات العاملة هنا منذ قرابة الثلاثين عاما, وقد جاهرت بقلقي هذا عندما عقدت ندوة في مدينة مالمو لمناقشة فكرة افتتاح المركز, ذلك أن هذه الفكرة جاءت متأخرة نسبيا لما يحظى به هذا البلد من ممكنات عراقية بشرية بدأت تتخطى موضوعة الجيل الثاني, وبالتالي لابد للعراق أن يتنبه لطاقاته التي فرط بها على مدى عقود, ومن هنا فان المركز تواجهه مهام صعبة وعديدة أبرزها تعريف العراقيين الجدد بحضارتهم وثقافتهم ولغتهم قبل السويديين او غيرهم, فضلا عن تعريف السويديين بحضارة العراق وتاريخه التليد, وكانت خشيتي اكبر من إدارة هذا المفصل الحيوي من مفاصل تمثيل العراق في الخارج ودعوت إلى توفر إدارة تعي جيدا معالم الخارطة الثقافية العراقية في المهجر وفي السويد على وجه الخصوص,هذا الأمر لا يعتمد على أن تكون تلك الإدارة ذات خصوصية ثقافية ام لا بقدر ما تمتلك فهم واقعي لطبيعة الحياة الأوربية وهو أمر لا يأتي إلا بالخبرة المباشرة, وحتما هذه النقطة هي التي تفسر سبب أخفاق العديد من السفارات العراقية في الخارج في أن تكون بيوتا للعراقيين وظلت امتدادا عمليا مقيتا لحقبة النظام السابق من خلال إداراتها التي لا تفرق بين أن تكون عراقيا او –سويديا- من أصول عراقية وهي النقطة التي يتغافل عنها المقيمون هنا أيضا بالرغم من أنهم يتصرفون من خلالها!! وغالبا ما يلجئون أليها عند اصطدامهم بأول طرقة على باب أي مؤسسة عراقية.
ومع بداية عمل المركز راقبنا عن كثب انه قد نأى بنفسه عن كل تلك المشكلات من خلال نهوضه بمهمة تعريف العراقيين في المهجر بفنهم الحي واقصد بذلك الفنانين العراقيين من الممثلين والتشكيلين ومختلف التخصصات الأخرى وبدعوتهم لإقامة أنشطتهم الفنية والثقافية في عموم السويد وعدم اقتصارها على العاصمة ستوكهولم فقط كما أن تلك الأنشطة لم تتلون بلون جهة واحدة فقط فقد شاهدنا الجمعيات الدينية والثقافية والسياسية تعمل في ذات التوجه الذي يبتغيه المركز ومحاولاته لتعريف الجهات الثقافية السويدية بالإرث الثقافي العراقي الكبير, وربما النقطة الأبرز في عمل المركز خلال عامه الأول هو تخطيه عتبة مضمون عمل الجمعيات الناشطة من التخصص –الذي احترمه المركز- إلى منطقة الهدف المشترك الذي تسعى إليه جميع هذه المراكز الا وهو التمثيل الخلاق لبلدهم وحضارتهم وتاريخهم . ورغم تلك الايجابيات التي تحسب لعمل المركز الثقافي خلال سنته الأولى إلا أننا يمكن أن نؤشر بعض النقاط التي لابد من الالتفات لها خلال السنة الحالية وأبرزها:-
أن تكون هنا أسابيع ثقافية عراقية متزامنة في عموم السويد والدنمارك تشترك فيها الجمعيات الفاعلة وتتبادل الأنشطة فيما بينها على تنوعها من إشراك الإعلام السويدي والعراقي بنقل وقائع هذه الأسابيع واعتبار ذلك جزء من إسناد العمل الثقافي العراقي في الداخل وخاصة مع انطلاق فعاليات بغداد عاصمة الثقافة في آذار المقبل ذلك من شأنه لفت انتباه هذه الدول (الاسكندافية) للحركة الثقافية العراقية ومن ثم تغيير الصورة الداكنة عن العراق ( الإشكالي) وما يجري فيه من عدم استقرار, فالفعل الثقافي من شأنه أن يغير مسار الرأي العام الأوربي والعالمي أكثر بكثير من تصرفات السياسيين واختلافاتهم التي لا تنتهي. هذه المرة نصافح بحرارة إدارة المركز لتخطيه عقبة المشكلات وبدايته الصحيحة ونتمنى أن لا نستخدم البطاقة الصفراء او الحمراء في نهاية هذا العام الذي نتمنى أن يتضاعف فيه العمل والعاملون من اجل عراق أجمل.