يسعدني ان اطل عليكن من هذه الزاوية في هذه المجلة الغراء، مع كل عدد جديد منها. فلماذا اذا "نون النسوة " اسما لهذا الركن؟ نحن لسنا امام مسالة نحو و صرف، بل اخترناها لما فيها من تمايز و تمييز بالتخاطب و التعامل المكتنز بالقهر الذي لا زالت المراة تعاني منهو ان تفاوت شكله و حجمه من مجتمع الى اخر و من فئة اجتماعية الى فئة اجتماعية اخرى، وقد اختلط حابل الدين بنابل الاعراف و التقاليد في تشابك مخيف لتدبيج صيغ الاساءة اليها و التقليل من قيمتها. ومن اجل ان نكون في منتهى الشفافية و نحن نعالج هذا الموضوع الشائك لا انفي بان جزءا ضئيلا من معشر النساء يساهمنعن دراية او غير قصد في تبرير هذا الظلم التاريخي الذي حل بهن تحت دعاوي تقديس الابوية المطلقة او الخنوع لتضليل في تفاسير الدين لبعض من يدير النار لقرص الرجال ممن يفتون عن جهل او افتئات لحقوق النساء.
انني اعلم بان الخوض في هذا السجل التاريخي، ذا الدهاليز المتغايرة هي مغامرة. و لا اريد ان اقرر سلفا اهي مغامرة محمودة او غير محمودة!!! و لكنني ساخوضها في كل الاحوال طالما الفرصة سانحة، لان ما بين ايادينا معضلة مركبة عقدها الزمان و تسببت في شلل نصفي الم بالمجتمعات عبر تعطيل دور المراة و تحويل دورها من شريك فاعل في بناء المجتمعات الى مجرد ادوات استخدامية مملوكة للرجل في المجتمع الذكوري، فتراوحت ادوارها ما بين امة الى اداة متعة و تفريخ!!! بقيت هكذا الى وقت قريب لان تغيير التشريع الاجتماعي و العادات و التقاليد امرا ليس باليسير لانه يلقى صدا من غالبية تشكيلات المجتمع الرجالية ، و بما ان حلها لا ياتي الا باشاعة الديمقراطية و المساواة على كل مساحة المجتمع بدون النظر الى جنس البشر ذكرا كان ام انثى، فنجد ان الاشواط التي قطعت تتباين بتباين تطور المجتمعات و الجهد المشترك الذي بذل في هذا السياق.
و هذا لاينفي انه قد ظهرت نساء قد لعبن دورا مفصليا في حياة المجتمعات، من كليوباترا الى زنوبيا الى خولة ابنة الازور الى الخنساء الى سناء محيدلي مرورا بجميلة بو حيرد الى دلال المغربي و كلهن كن نماذج فذة قد نجد اضعاف اضعافهن في تاريخنا القديم و المعاصر، لكنها نماذج فردية لم تتكرر الا كل حين و مين!!!، لانه لم يكن جهدا جماعيا حفر مجراه ليتسع و يتعمق من جيل الى جيل - سناتي على تلك التجارب لنستخلص منها الدروس و العبر-، و من المهم ايضا ان ننظر الى المراة في الغربة، و هل بنت على ما انجزته في بلداننا ام انه قد جرى التراجع عنه تحت ضغوط اجتماعية هائلة؟!!!، هل استفادت من الايجابي الذي تحقق على يد المراة الاوربية؟!!!، ام انه قد شكل عامل نفور و تشويه له و تشويش عليه؟!!!، و هل فهمنا معنى الاندماج في المجتمعات التي احتضنتنا ام اسانا فهمه نظريا و عمليا ؟!!على انها اذابة دون مراعاة خصوصيتنا، تلك الخصوصية التي تغني المجتمع الجديد عبر تلاقح الافكار؟!!!كلها و غيرها من المواضيع علينا ان نتناولها بالتحليل و التمحيص و النقد الجماعي البناء الذي يهدينا الى الطريق القويم ما استطعنا الى ذلك سبيلا و يساعدنا في انتهاج حلول موضوعية للمشكلات التي تعاني منها المراة، عبر كشف كل الامراض الاجتماعية بشفافية و بوح جرئ لنضع اليد على الجرح بالضبط.
ساعدونا على القيام بواجبنا، باهدائنا نقدكم البناء الخالي من المجاملات و منحكم ايانا جميل اقتراحاتكم و نعدكم باننا سندمن الاستماع لكم اكثر من ادماننا على الكلام. فزاوية نون النسوة هي ركنكم لنجعل منها بيتا حميميا يجمعنا على ما هو خيرنا